توطئة

تُعد جماعة أسكاون نموذجًا حيًا للمناطق الجبلية بالمغرب، حيث تتشابك الطبيعة الخلابة مع التاريخ العريق، وينسجم الإنسان مع البيئة في نسيج متكامل من العادات والتقاليد. تقع هذه الجماعة في قلب جبال الأطلس الكبير، بين القمم الشاهقة التي شكلت على مر العصور ملاذًا للساكنة، وفضاءً لحياة قوامها الكفاح والصمود.

بفضل موقعها الجغرافي الفريد، ومواردها الطبيعية الغنية، وتراثها الثقافي العريق، تمثل أسكاون شاهدًا على تاريخ متجذر في عمق الحضارة الأمازيغية. من إيكودار التاريخية إلى مناجم الفضة، ومن حقول الزعفران إلى الصناعة التقليدية، تزخر الجماعة بإمكانات اقتصادية وسياحية واعدة، تجعلها وجهة تستحق الاهتمام.

المجال والتراث لجماعة أسكاون

يعود اسم جماعة أسكاون، حسب المؤرخين، إلى موقعها الجغرافي المتميز بين جبل سيروا وتوبقال. يخلق تقابل هذين الجبلين تشابهاً مع قرني الثور، حيث أن التسمية الأمازيغية للقرن هي "إسك" للمفرد و"إسكوان" أو "تسكيون" للجمع. ومع مرور الزمن، استقر الاسم على "أسكاون".

حياة يومية تتسم بالتحدي والصمود

يعيش سكان أسكاون حياة يومية مليئة بالتحديات والكفاح من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية. يعكس هذا الكفاح المستمر صراع البقاء، تمامًا كما في مبارزات الثيران، حيث تكون المقاومة والقدرة على الصمود أمرين ضروريين. يظهر ذلك في أسلوب حياتهم الذي يعتمد على الزراعة، وتربية المواشي، والحرف اليدوية.

التاريخ والتطور الإداري

تأسست جماعة أسكاون سنة 1952 وفق التقسيم الإداري للبلاد. ونظرًا للنمو الديموغرافي والحاجة إلى تحسين البنية التحتية، تم تقسيمها سنة 1992 إلى جماعتين قرويتين، هما تاويالت وأسكاون، من أجل تعزيز تقديم الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية.

الانتماء القبلي والتراث العريق

تنتمي جماعة أسكاون إلى اتحادية قبائل أيت واوزكيت، والتي تضم 18 قبيلة تمتد من جبال الأطلس الكبير إلى جبال سيروا. تزخر المنطقة بمخازن جماعية قديمة أو ما يسمى إكودار، وهي شهادات حية على تاريخ المنطقة، مثل مخازن تمالوت، أسكاون، أيت سليمان، وأسفزيمر. هذه المخازن لاتزال محفوظة وتسير وفق وثائق تاريخية وقوانين عرفية متوارثة.

مركز تعدين تاريخي

تُعد أسكاون موطنًا لأحد أقدم المناجم في المغرب، وهو منجم زݣندر لاستخراج الفضة. تم بناء مدينة صغيرةإسمها الزكندر في هذا الموقع عام 578 هـ من قبل السلطان الموحدي يوسف بن عبد المؤمن. وتُذكر أهميته في الكتب التاريخية، مثل الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، حيث ورد ذكر العالم أبي محمد عبد الله بن محمد الزݣندري.

المساحة الحدودوالإحصائيات الديموغرافيةحسب إحصاء 2024

• عدد السكان: 6 813 نسمة
• عددالاسر 1 553
• المساحة: 353.95 كلم مربع
• الكثافة السكانية19,3  نسمة/كلم2

تنتمي جماعة أسكاون إداريا لإقليم تارودانت التابع لجهة سوسوتحدها الجماعات التالية:

الشمال: جماعتي تاويالت وإكيدي

الجنوب: جماعةزاكموزن، أسايس وأساكي

الشرق: إقليم ورزازات

الغرب:جماعتي أوزيوة وتيسراس

قطاع زراعي غني بمنتجات محلية

تتميز جماعة أسكاون بإنتاج عدة محاصيل ذات قيمة مضافة عالية، ومنها:

• الزعفران: الذي يتميز بجودته العالية ويشكل مصدر دخل رئيسي للسكان.
• اللوز: محصول آخذ في التوسع بفضل المناخ الجبلي الملائم.
• الجوز والنباتات العطرية والطبية: التي يتم حصدها والقابلة للتثمين محليًا.
• أشجار التفاح والتين: رغم محدوديتها، إلا أنها تساهم في تنويع الإنتاج الفلاحي.
• الشعير والقمح الطري: اللذان يعتبران من المحاصيل الأساسية التي يعتمد عليها السكان في معيشتهم.

كما تُعد تربية الماعز والأغنام نشاطًا أساسيًا، حيث توفر الصوف والحليب واللحوم للأسواق المحلية. وتشتهر المنطقة على وجه الخصوص بخرفان "سيروا" المعروفة بجودتها العالية.

إضافة إلى ذلك، تُعد تربية النحل من الأنشطة الزراعية المهمة، حيث يتم إنتاج عسل طبيعي ذو جودة عالية، مما يعزز من الاقتصاد المحلي ويشكل مصدر دخل إضافي للسكان.

وجهة سياحية واعدة

تواجد جماعة أسكاون بين قمتي جبلي سيروا وتوبقال، يجعلها قبلة سياحة واعدة نظرا لموقعها الجغرافي الفريد ووجهة متميزة لعشاق الطبيعة والمغامرة.

• رياضة المشي الجبلي والتسلق: حيث توفر المسارات الطبيعية مناظر خلابة.
• السياحة الجيولوجية: نظرًا لتواجد مناجم الفضة والكوبالت التي تجذب الباحثين وهواة الجيولوجيا.
• السياحة البيئية: التي تسلط الضوء على نمط الحياة الأمازيغي الغني والتنوع النباتي للمنطقة.
• التراث الثقافي: حيث تزخر الجماعة بتقاليد شفوية، ومهرجانات محلية، وحرف يدوية أصيلة.

الصناعة التقليدية ودور النساء

تلعب النساء في جماعة أسكاون دورًا بارزًا في مجال الصناعة التقليدية، حيث يتميزن بإتقان حياكة ونسج الزربية الأوزكيطية، التي تعتبر من أهم المنتجات الحرفية التقليدية ذات القيمة الفنية العالية. يشكل هذا النشاط مصدر دخل مهم للعديد من الأسر، ويساهم في الحفاظ على التراث الأمازيغي العريق.

خاتمة

تتميز جماعة أسكاون بتاريخ عريق، وثروات طبيعية متنوعة، وزراعة مزدهرة، وإمكانات سياحية واعدة. إن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب استثمارًا في بنيتها التحتية وتعزيز مبادراتها المحلية. ومع الاستراتيجيات المناسبة والاستثمارات الذكية، يمكن لأسكاون أن تصبح نموذجًا يُحتذى به في التنمية القروية وحفظ التراث الأمازيغي بالمغرب.

 

موقع جماعة أسكاون بالنسبة لإقليم تارودانت